أثار الوصول المفاجئ للرجل الطويل ذي الشعر الأبيض إلى مطار صغير خارج لندن الأربعاء الدهشة كما زاد من الآمال بتحقيق اختراقات عديدة على عدة جبهات.
هذا الرجل هو موسى كوسا، وزير الخارجية الليبي المنشق عن نظام الزعيم معمر القذافي، الذي كان يشغل منصب رئيس جهاز الاستخبارات الليبي، ليصبح المسؤول الأعلى مستوى الذي ينشق عن نظام القذافي.
كان كوسا من أكثر وأصلب المدافعين عن القذافي، حتى الشهر الماضي، غير أن مواقفه بدأت تتغير في الأسابيع الأخيرة على ما يبدو، ففي مؤتمر صحفي شارك فيه كوسا، كان يحتفظ برأسه منخفضاً طوال وقت قراءته للبيان، وغادر المكان مسرعاً.
جاء انشقاق كوسا مفاجئاً حتى للقذافي، فهو لم يبلغ حكومته بنيته الاستقالة، إلا بعد وصوله إلى بريطانيا، بحسب ما أشار الناطق باسم الحكومة الليبية، موسى ابراهيم، الذي قلل من أهمية انشقاق كوسا، قائلاً إنه رجل كبير السن ويعاني من أمراض لم يتمكن من القيام بواجبه جراء الضغط الكبير الذي كان يرزح تحته.
وقال موسى إن الحكومة سمحت له بالمغادرة وذلك بعد أقل من 24 ساعة على إنكار انشقاقه، والإصرار على أنه سيعود إلى ليبيا.
وحول انشقاق كوسا، قال القائد العسكري الليبي السابق، نعمان بن عثمان: "قد يكون لانشقاقه تأثير مدمر على معنويات نظام القذافي. ومن الناحية الاستراتيجية، فهذه الخطوة تشكل هجوماً على مركز جاذبية النظام."
وأضاف: "آمل من كبار المسؤولين الآخرين في النظام أن يدركوا الآن أن عليهم أن يكونوا جزءاً من الحل وألا يكونوا جزءاً من المشكلة."
وربما يتمكن كوسا من إلقاء الضوء على الدور الفعلي لليبيا في أحداث مثل تفجير الطائرة الأمريكية فوق سماء بلدة لوكربي في اسكتلندا عام 1988، ومقتل شرطية بريطانية في العام 1984.
وبحكم مناصبه، يتمتع كوسا بكثير من الأسرار، بل ذهب مندوب ليبيا الدائم في الأمم المتحدة عبدالرحمن شلقم بأنه "الصندوق الأسود" للنظام الليبي، وكاتم أسراره.
ومن المتوقع أن تبدأ المخابرات البريطانية باستجوابه وتقوم بتمرير المعلومات إلى واشنطن