احتشد عشرات آلاف اليمنيين في
صنعاء حيث شاركوا في صلاة الجمعة ضمن تجمعين منفصلين للمعارضين والمؤدين
للرئيس علي عبدالله صالح، وسط اجراءات امنية غير مسبوقة. وتعهد عبدالله
صالح بالتضحية "بالغالي والنفيس من أجل الشعب".
صنعاء: تعهد الرئيس اليمني علي عبد الله صالح الذي يواجه حركة احتجاجية تطالب
باسقاط نظامه، بالتضحية "بالغالي والنفيس من اجل الشعب" وذلك في كلمة
مقتضبة القاها امام حشود ضخمة من مؤيديه في صنعاء الجمعة.
واحتشد عشرات آلاف اليمنيين في صنعاء
حيث شاركوا في صلاة الجمعة ضمن تجمعين منفصلين للمعارضين والمؤدين لعبدالله
صالح، وسط اجراءات امنية غير مسبوقة. وبدا التوتر واضحا في شوارع صنعاء
التي انقسمت الى منطقتين، منطقة شمالية تجمع فيها المطالبون برحيل صالح،
واخرى جنوبية تمسك المحتشدون فيها بالرئيس الذي يحكم البلاد منذ 32 عاما.
وفي موازاة ذلك تضاعفت حواجز الجيش
والقوات الامنية الاخرى عند مداخل الساحات المؤدية الى التظاهرات، واتخذت
اجراءات امنية غير مسبوقة بدت معها شوارع العاصمة المحيطة بالتظاهرات مغلقة
بالكامل. وعند مداخل "ساحة
التغيير" امام جامعة صنعاء حيث يعتصم الآلاف منذ 21 شباط/فبراير للمطالبة
باسقاط النظام، نصبت وحدات الجيش التي يقودها اللواء علي محسن الاحمر
المنضم الى المحتجين، حواجز لتفتيش الداخلين.
وعلى بعد حوالى ثلاثة كيلومترات اقامت
الشرطة من جهتها حواجز عند مداخل تجمع مؤيد للرئيس اليمني في ساحة التحرير
وسط العاصمة، وكذلك عند مداخل ساحة السبعين القريبة من القصر الرئاسي.
وقال رجل دين في خطبة الجمعة في ساحة التحرير ان "هذه الملايين التي اتت من
كل المحافظات جاءت لتقول نعم للامن والاستقرار (...) نحن مع الشرعية
الدستورية ولا للانقلاب على السلطة".
واضاف "هذا هو الرد العملي لكل من
ينادي بالزحف (...) هذه هي الغالبية الصامتة". وظلت الحشود تتوافد على
الساحات حتى بعد انتهاء الصلاة، وكان المشاركون في التظاهرات المؤيدة لصالح
يرددون "الشعب يريد علي عبدالله صالح" و"بالروح بالدم نفديك يا علي"،
بينما يردد المناهضون للرئيس "الشعب يريد اسقاط النظام".
ويواجه الرئيس اليمني الذي يحكم
البلاد منذ 32 عاما حركة احتجاجية تطالبه بالرحيل منذ نهاية كانون
الثاني/يناير، وقد انضم اليها عشرات الضباط والسياسيين والدبلوماسيين. وكان
المعتصمون الذين نصبوا خيما جديدة وتوسعوا نحو مناطق محيطة بساحة
اعتصامهم، اعلنوا الاسبوع الماضي ان الجمعة هو "يوم الزحف" في اتجاه القصر
الرئاسي، الا انهم عدلوا عن هذه الخطوة خشية "اراقة دماء".
واطلق المحتجون على الجمعة "يوم
الخلاص"، فيما اسماه الموالون "يوم الاخاء". ويخشى ان تقع مواجهات بين
الطرفين في صنعاء حيث تنتشر قوات الجيش الموالية للاحمر في مواجهة قوات
الحرس الجمهوري التي يقودها نجل الرئيس اليمني، احمد، وذلك بعد اسبوعين على
مقتل 52 شخصا في مكان الاعتصام.
وحثّت الخارجية البريطانية الخميس
البريطانيين على مغادرة اليمن فورا مع تحذيرهم من ان الوضع "يتدهور سريعا"
وان التظاهرات المقررة الجمعة قد تؤدي الى مواجهات عنيفة. وفي جنوب اليمن،
سارت الخميس تظاهرات في تعز واب، وشارك فيها عشرات الآلاف للمطالبة باسقاط
النظام.
وفقد صالح تأييد زعماء العشائر ورجال
الدين والضباط، لكنه تمكن في 25 اذار/مارس من جمع حشود ضخمة، ما شجعه على
عدم التنحي. ومنذ ذلك الحين وهو يحذر من صوملة اليمن وانعدام الامن، ومن ان
يلجأ تنظيم القاعدة الى تصعيد هجماته. وقتل نحو 150 شخصا في الجنوب في
انفجار مصنع للذخيرة الاثنين خلال هجوم نسب إلى تنظيم القاعدة في جزيرة
العرب.
وخطف جنديان الخميس في لودر في محافظة
ابين. وقال مسؤول محلي ان خاطفيهما مسلحون قبليون "احتجوا على مقتل ستة من
ابناء المنطقة برصاص قوات الجيش السبت الماضي، قالت السلطات انهم ينتمون
الى تنظيم القاعدة".
وقالت وكالة الانباء اليمنية "سبأ" ان
انصار الرئيس بدأوا يتوافدون الخميس نحو صنعاء للمشاركة في "يوم الاخوة"
تاييدًا للرئيس، الذي يسيطر ابناؤه وابناء اخوته على اجهزة الامن. وتحاصر
قوات امنية العاصمة وبعضها موال للواء محسن علي الاحمر الذي انضم الى
المحتجين.
ونشر الحرس الجمهوري بقيادة احمد ابن
علي عبدالله صالح، حول القصر الرئاسي على بعد بضعة كيلومترات من وسط صنعاء.
واعلن عشرون ضابطا جديدا انضمامهم الى المحتجين في "ساحة التغيير" الخميس.
وقال عادل الوليبي احد اعضاء اللجنة
المشرفة على اعتصام "ساحة التغيير" "بدانا منذ الاربعاء بالتصعيد من خلال
تنظيم مسيرات حول الاعتصام القائم نفسه وفي اماكن قريبة من هذا التجمع
ايضا". واضاف في تصريحات له "نبحث في اقامة اعتصامات مصغرة قرب بعض الاماكن
الحيوية في صنعاء".
وشدد على ان المعتصمين لا يريدون
"حدوث صدام مع انصار الرئيس الذين من الممكن ان يكونوا مسلحين"، مشيرا الى
ان صالح "يمثل نفسه حالياً، وانصاره يأتون للتظاهر مقابل مبالغ مالية".
وارتفع في ساحة الاعتصام عدد الخيام المنصوبة، فيما اطلقت دعوات عبر موقع
فايسبوك إلى العصيان المدني كجزء من تصعيد التحركات.
ويرفع المعتصمون لافتات تحدد مطالبهم،
وبينها إسقاط النظام والاعلان عن "فترة انتقالية مدتها ستة اشهر". كما
يطالب هؤلاء بتشكيل حكومة تكنوقراط والغاء وزارتي الاعلام وحقوق الانسان
وانشاء مجلس اعلى للحقوق، وجهاز الامن السياسي وجهاز الامن القومي ومجلس
الدفاع الوطني.
في هذا الوقت فرض قائد المنطقة
الجنوبية في عدن اللواء مهدي مقوله المحسوب على صالح، طوقًا على معهد
الثلايا للعلوم العسكرية عقب اعلان مدير المعهد العميد ركن عبدالله محمد
الشرفي وعشرات الضباط والجنود انضمامهم الى الاحتجاجات، حسبما افادت مصادر
عسكرية في المعهد وكالة فرانس برس.
وقالت المصادر ان "قائد المنطقة
الجنوبية اقتحم المعهد مع قوة عسكرية وقام بمصادرة كل الاسلحة الموجودة في
داخل عدد من المخازن". واوضحت ان "الضباط والجنود مصرّون على موقفهم في
الوقوف الى جنب الاحتجاجات، كما تجنبوا الفتنة مع قائد المنطقة للحفاظ على
الطابع السلمي للاحتجاجات، وعدم جرها الى مربع العنف".
ويواجه الرئيس اليمني منذ نهاية كانون
الثاني/يناير حركة احتجاجية تطالب بإسقاط نظامه، قتل فيها 80 شخصًا بحسب
منظمة العفو الدولية، بينهم 52 من المحتجين في صنعاء سقطوا برصاص قناصة
و"بلطجية" قبل اسبوعين.
وكانت المعارضة اليمنية اكدت الاربعاء
تمسكها بمطلب رحيل صالح، الذي اتهمته بالمناورة والاكثار من المقترحات
للبقاء في السلطة، في وقت شدد السفير الاميركي لدى صنعاء على ان بلاده ترغب
برؤية "حلول سريعة للازمة". وترى الولايات المتحدة في صالح حليفًا لمواجهة
تنظيم القاعدة في اليمن.