واشنطن متخوفة من حصول "القاعدة" على أسلحة

واصلت قوات العقيد معمر القذافي قصف مناطق الثوار بالرغم من الهجوم الذي تتعرض له جواً وبحراً، موقعة عدداً كبيراً من الخسائر، ما حدا بأحد الثوار إلى وصف ما يجري في المناطق التي يسيطرون عليها وتحاول قوات القذافي إخراجهم منها بأنه "جحيم".
وفي واشنطن قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر أمس، إن الولايات المتحدة أثارت مخاوفها مع المعارضة الليبية بشأن تقارير عن أن تنظيم القاعدة يحصل على أسلحة في شرق ليبيا، فيما قال مسؤول أمني جزائري إن تنظيم "القاعدة" يستغل الصراع في ليبيا كي يحصل على أسلحة منها صواريخ أرض - جو يهربها الى معقله شمال مالي ليوسع نشاطه ليشمل ساحل البحر المتوسط".
ومساء، أعلنت وزارتا الخارجية والخزانة الأميركيتان أن وزير الخارجية الليبي السابق موسى كوسا الذي انشق الأسبوع الماضي عن نظام القذافي لم يعد يخضع للعقوبات الاقتصادية الأميركية المفروضة على المسؤولين الليبيين.
فوسط محاولات القذافي البحث عن مخرج ديبلوماسي للأزمة، حاول العقيد أمس البحث عن وساطة تركية بعد اليونان في وقت أعلنت ايطاليا ـ أقرب حلفائه في أوروبا سابقاً، دعمها الكامل وراء المعارضة الليبية معترفة رسمياً بها ممثلاً شرعياً وحيداً للبلاد وتعهدت تزويدها السلاح للقتال وبخبراء لإعادة الإعمار، رافضة في الوقت نفسه رسالة حملها مبعوث للقذافي لوقف القتال مكررة أنه يتحتم عليه الرحيل.
وفي وقت أعلن عن اجتماع مجموعة الاتصال الخاصة بليبيا في الدوحة الأسبوع المقبل، قال وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني للصحافيين بعد اجتماعه مع عضو المجلس الوطني الانتقالي الليبي المعارض المسؤول عن الشؤون الخارجية علي العيساوي "قررنا الاعتراف بالمجلس بصفته المحاور السياسي والشرعي الوحيد الذي يمثل ليبيا". أضاف أنه تحدث مع مسؤولين في اليونان التي زارها نائب وزير الخارجية الليبي عبد العاطي العبيدي لمناقشة إنهاء القتال في ليبيا.
وقال "هذه الاقتراحات تفتقر للصدقية"، لافتاً الى أنه تحدث مع وزير الخارجية اليوناني الذي قال إن مبعوث القذافي تعهد احترام وقف إطلاق النار. أضاف "لكن لم يذكر أي شيء بشأن رحيل القذافي وهو أحد الشروط.. لذا ليس من الممكن قبول وجهة النظر هذه. الحل لمستقبل ليبيا يسبقه شرط أن يرحل نظام القذافي وأن يغادر القذافي نفسه وأسرته البلاد".
وتعهد وزير الخارجية أن تسلح ايطاليا المعارضين إذا احتاجوا السلاح للدفاع عن أنفسهم خصوصاً إذا كان المدنيون في خطر. وايطاليا عضو في التحالف الدولي الذي يشن غارات جوية ضد قوات القذافي.
وقال فراتيني "نظراً لأنه لا يمكننا (قوات التحالف) القتال على الأرض فإنه لا يمكن استبعاد مساعدة الأشخاص للدفاع عن أنفسهم من خلال تزويدهم بالسلاح وذلك بموجب قرار الأمم المتحدة"، معتبراً أن غارات التحالف لا تزال ضرورية".
ووصل نائب وزير الخارجية الليبي عبد العاطي العبيدي إلى العاصمة التركية في مسعى للتوصل إلى تسوية للأزمة الليبية، في وقت التقى رئيس الحكومة التركي رجب طيب أردوغان ووزير خارجيته أحمد داوود أوغلو الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندريس فوغ راسموسين لمناقشة الوضع في ليبيا.
وقال مسؤول تركي في وقت سابق أمس، إن من المتوقع وصول عبد العاطي العبيدي إلى أنقرة وإن ممثلاً للمعارضة من المتوقع أن يزور العاصمة أيضاً. ومضى يقول إن كلا الجانبين "قالا إن لديهما بعض الآراء بشأن وقف محتمل لإطلاق النار".
ومن المتوقع أن يتوجه العبيدي إلى مالطا اليوم.
وبالأمس، أعلن وزير الخارجية اليوناني ديميتري دروتساس أن إرسال ليبيا مبعوثاً لها لدى الحكومة اليونانية ثم الى تركيا ومالطا يُظهر أن النظام الليبي يبحث عن مخرج للأزمة. وأشاد الوزير بهذا "الحراك" الليبي، قائلاً "أود القول إن هناك أملاً، حتى ولو كان صغيراً، للذهاب الى حل سياسي أو ديبلوماسي نرغب فيه جميعنا، وخصوصاً اليونان". وتحدث عن ضرورة حصول "فترة انتقالية لضمان الأمن والاستقرار في ليبيا" وكذلك تحضير "تغييرات ضرورية".
وبحسب صحيفة "ايليفتيريوتيبا" اليونانية، فإن المبعوث الليبي الذي غادر ليبيا أول من أمس الى تونس، توجه بعدها الى اليونان على متن طائرة خاصة يملكها صناعي يوناني ناشط في قطاع النفط.
وفي الجزائر، أعلن مسؤول أمني أن تنظيم "القاعدة" يستغل الصراع في ليبيا كي يحصل على أسلحة منها صواريخ أرض جو ويهربها الى معقله في شمال مالي. أضاف أن قافلة من الشاحنات الصغيرة من طراز تويوتا غادرت شرق ليبيا وعبرت الحدود إلى تشاد ثم إلى النيجر ومن هناك إلى شمال مالي حيث سلمت خلال الأيام القليلة الماضية شحنة من السلاح. أضاف "القاعدة يستغل الصراع في ليبيا للحصول على أسلحة ويوسع نشاطه ليشمل ساحل البحر المتوسط".
وفي غضون ذلك، رفض المجلس الوطني الانتقالي الذي يمثل الثوار الليبيين فكرة مرحلة انتقالية يقودها أحد أبناء القذافي، وفق عرض تحدثت عنه صحيفة "نيويورك تايمز".
وقال الناطق باسم المجلس شمس الدين عبد المولى من بنغازي معقل الثوار في شرق ليبيا إن هذه الفكرة "يرفضها المجلس بشكل تام". وأضاف "على القذافي وأبنائه أن يرحلوا قبل أي مفاوضات ديبلوماسية".
ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" مساء أول من أمس أن اثنين على الأقل من أبناء القذافي هما سيف الاسلام والساعدي يعرضان عملية انتقال الى ديموقراطية دستورية تتضمن رحيل والدهما عن السلطة.
ونقلت الصحيفة عن ديبلوماسي طلب عدم كشف اسمه ومسؤول ليبي على اطلاع بالاقتراح أنه في حال تبني هذا الطرح فسوف يتولى سيف الإسلام القذافي إدارة المرحلة الانتقالية.
لكن بحسب المتحدث باسم المجلس الوطني الانتقالي فإن موقف سيف الاسلام منذ بدء الثورة في 15 شباط (فبراير) الجاري أظهر أن سمعته كرجل تغييري خاطئة. وقال إن "الناس يعتقدون أنه إصلاحي لكن منذ انطلاق الثورة أظهر وجهه الحقيقي، إنه نسخة عن والده".
ميدانياً، طرد مقاتلو المعارضة القوات التابعة للقذافي من معظم البريقة إلى ضواحي البلدة النفطية الواقعة شرق البلاد في إطار تقدمهم البطيء صوب الغرب ويلاحقهم القصف في كل خطوة، فيما قالت المعارضة إن قوات القذافي قصفت مدينة مصراتة الواقعة تحت سيطرة المعارضة.
وكذلك واصلت قوات القذافي قصف مدن منطقة الجبل الغربي الخاضعة لسيطرة الثوار ما أوقع "الكثير" من الضحايا، كما أفاد عدد من سكان هذه المنطقة الواقعة جنوب غرب طرابلس. وقال أحد الأهالي "أطلقت كتائب القذافي قذائف غراد على مدينة نالوت" التي تبعد 230 كلم جنوب غرب طرابلس.
وأوضح الرجل الذي طلب عدم ذكر اسمه "لقد تمكنوا من السيطرة على مدينة كتلة بعد قصف مكثف والآن يريدون الاستيلاء على نالوت"، مشيراً الى أن عدداً من الثوار جاؤوا من الزنتان وجادو لدعم ثوار نالوت.
وقال آخر من سكان هذه المنطقة "قتل الكثير من المدنيين وأصيب عدد كبير آخر في القصف العشوائي لمدن هذه المنطقة" الجبلية التي تسكنها غالبية من أصل أمازيغي.
وقال عمر بوبكر وهو مهندس عمره 40 عاماً مصاب برصاصة في ساقه ونقلته منظمة إغاثة فرنسية إلى ميناء صفاقس التونسي "يجب أن تزور مصراتة لترى مذبحة القذافي". وأضاف "الجثث في الشوارع. المستشفيات تغص بالمصابين".
وقال عبدالله العشيب الذي يعاني من جروح خطيرة في الحوض والمعدة وإصابة بطلق ناري في الساق "يمكن ان أعيش أو أموت لكنني أفكر في عائلتي وأصدقائي الذين تقطعت بهم السبل في جحيم مصراتة".
وأضاف "تخيل أنهم يستخدمون الدبابات ضد المدنيين. إنه (القذافي) مستعد لأن يقتل كل شخص هناك.. إنني أفكر في عائلتي."