يوجد في السعودية حوالي تسعة ملايين عامل يعمل معظمهم في المهن التي لا يقبل عليها السعوديون. هذا الرقم يوحي بأن هناك وفرة في العمالة، لكن امتلاء الصحف اليومية بإعلانات من قبل صغار التجار لتقبيل (بيع) محلاتهم ومطاعمهم بحجة عدم توفر العمالة توحي عكس ذلك.
وقال بدر الربيعان، صاحب محلات كوفي شوب قام قبل فترة بوضع إعلان "للتقبيل"، إن أغلب تلك المحلات قد أقامها داخل مباني هيئات وجهات لخدمة منسوبيها رافضا أن تكون تلك الجملة التي تقول لعدم توفر العمالة هي من أجل مشروعية فكرة بيع المحل.
وأضاف، في تصريحات لصحيفة "الرياض" السعودية، أن هذا المحل الذي أعلنت عن "تقبيله" لم يكمل الخمسة عشر يوماً منذ بدأ العمل، ما يعني أن هناك ظرفاً حقيقياً يدعو لبيعه وليس لفشل المشروع بعد ممارسة على أرض الواقع.
وأوضح أن أزمة التضييق في عملية التأشيرات قد خلقت أموراً سلبية متعددة كبيع التأشيرات ومخالفة نظام العمل والعمال من خلال الإقبال المخيف على العمالة السائبة والتودد إليها، قائلا: لا يتم منحي سوى تأشيرة واحدة عن كل محل، ما يعني أنني لا محالة سوف أستعين بعمال من الشارع.
وعن تفاصيل الحاجة إلى العمال، أكد الربيعان أنه في مجال نشاط محلات القهوة والمشروبات الساخنة يفترض أن يبدأ المحل بالعمل الساعة ال 6 صباحاً إلى 12 مساء، وهذا يعني أن تكون هناك ثلاث فترات عمل بالتناوب من قبل موظفي المحل، ويتساءل: هل من المعقول أن يقوم عامل واحد بكل هذه الساعات؟.
وشدد على أن أغلب أصحاب المحلات اليوم يستعينون بعمال من الشارع، مشيراً إلى أن هؤلاء العمال بدأوا يدركون الحاجة الماسة التي يمر بها أصحاب المحلات، وأصبحوا يرفعون أجورهم بشكل مبالغ فيه.
وطالب الربيعان بحل مسألة التأشيرات، مضيفا أنه في حالة كان الاستقدام مفتوحاً لكل منشأة حسب احتياجاتها، فإننا لن نجد عمالة سائبة في الشارع العام، ولن نجد قطاعات تجارية صغيرة تنهار، ولن نجد تجار تأشيرات. ودعا إلى أن تكثف اللجان التحري عن استحقاق العمال للمحلات وأن تتكون من عدة دوائر حكومية.
مشاريع عشوائية
من جانبه، أشار الدكتور رئيس دار الداغستاني للدراسات عبد العزيز داغستاني إلى أن معظم المشاريع الصغيرة في المملكة تنشأ بشكل عشوائي، ودون دراسات جدوى.
وأضاف أن عدد المحلات التي يتم إقفالها أو تقبيلها وانتقال ملكيتها يسترعي الاهتمام، مشددا على أن هناك أنشطة تجارية في مجال المحلات الخدمية التي يطغى عليها التستر التجاري تشهد إقفالاً وانتقالاً للملكية بشكل مستمر، وحول نقص العمالة طالب داغستاني وزارة العمل بفك الخناق في مسألة التأشيرات.
ملاك متسترون
من جانبه، أكد أستاذ الاقتصاد المشارك، ورئيس قسم الاقتصاد الأسبق بكلية إدارة الأعمال حمد التويجري أن غالبية السعوديين الذين يملكون المحلات الصغيرة هم متسترون بالأساس، وأن المالك الحقيقي لأغلب تلك المحلات هم الأجانب.
وأضاف أن على الشاب السعودي الذي يريد أن يبدأ في العمل في محل صغير عليه أن يبدأ العمل بنفسه، أو أن يوظف أحداً من أبناء جلدته الذين سيجد منهم من سوف يعمل براتب 1500 ريال، مؤكداً أن هناك طلابا وشبانا سعوديين مستعدون للعمل برواتب يستطيع صاحب المحل الصغير دفعها.
وشدد التويجري على انه إذا كان إقفال هذه المحلات سيكون في سبيل تحقيق السعودة، ومحاربة التستر، فإنها ستكون عملية تصحيحية في خارطة سوق العمل.
ولفت إلى أنه من الناحية الاقتصادية فإن اندثار المحلات الصغيرة التي تقوم على التستر هو لصالح المواطن الذي يريد أن يعمل بنفسه، وستحارب التستر، وستصحح كثيراً من المعطيات السلبية في سوق العمل.