هل توقعات الفلكيين لعام 2012 "تنجيم" سياسي مأجور

أثارت "التنبؤات" التي أدلى بها الفلكيون مع بداية العام الجديد اهتمام الملايين من البشر الذين تابعوها عبر وسائل الإعلام المختلفة في العالم العربي ودول العالم، حيث خلت من أي إشارات "تفاؤل" وكأنها تلاصقت مع الأحداث التي حصلت في العام الماضي. وتميزت تنبؤات "الفلكيين" المعروفين بأساريرهم ورؤاهم الغيبية، للعام الحالي 2012، بتمحورها في قاع "السياسة"، إذ بدا سماع المواطنين لها، كما يسمع الإنسان "نشرة" أخبار مستقبلية" يكتنزها فقط بعض "الغموض". ومن تلك التوقعات التي صدرت على لسان فلكيين "مخضرمين" في سوق التنبؤ ما قاله الفلكي، ميشال الحايك، في ليلة السنة "إن هناك ضجة لهزة سياسية قوتها خمس درجات"!. وقال أيضا "إن هناك محاولات لزعزعة وحدة الجيش اللبناني، وسيكون تعاون بين الجيش والمقاومة، وتمرد كنسي في لبنان على مستوى عال، وباب روما وجها لوجه مع الأزمات". واستمر حايك في التعريج على وضع الدول العربية المختلفة، بأنه يرى صورا يفسرها على أرض الواقع، رغم أن ما يقوله غير ذلك، فتجده يحلل الصورة التي يراها بما يتوافق مع الوضع السياسي الحالي الذي يظهر بكل وضوح أن هناك أزمات سياسية في العالم العربي. فيما ذهب الخبير الفلكي ياسر الداغستاني في تحليله، إلى نوع آخر من الاوضاع العربية، مبينا أن سورية ستتعرض إلى عقوبات دولية تنتهي بضربات عسكرية، وهناك احتمال لسقوط نظام الأسد، على الرغم من توقعات "سياسيين دوليين ليسوا فلكيين بذلك". وتستمر "التنبؤات" السياسية من الفلكيين، حيث تظهر الصورة معاكسة لدى الفلكي مايك فغالي، في حديثه إلى قناة الدنيا السورية، بقوله "إن نظام الأسد سيبقى برغم كافة المؤامرات التي تحاول الإطاحة به، والشعب السوري سيتحد لرفع ملايين التواقيع للرئيس السوري بشار الأسد". ويبدو أن هذه التوقعات تأتي من باب الآراء السياسية، إذ يضيف "أن الوضع العربي كله مأساوي، ويسير إلى انحدار، ومظاهرات وعنف، وما يحدث بسورية هو بسيط لما سيحدث في مختلف الدول العربية المجاورة"، مؤكدا على رؤيته أن سورية ستتجاوز المرحلة التي تمر بها. فيما قال "المنجم" علي الشيباني من العراق، "إن بلاده ستأتي عليها ويلات وحروب تبشر بقدوم الإمام، إلى جانب مرور الوطن العربي بأزمات خانقة أسبابها التدخل الأميركي الصهيوني في الوطن العربي". ويحلل أقواله، من خلال ما يطرحه من آراء حول أهداف الصهاينة بالوطن العربي، الذين عملوا على اندلاع الثورات العربية (الربيع العربي)، مؤكدا أن الذي سيأتي هو أعظم وأكبر، وسيسبب الإرباك في مختلف الدول العربية. وتوصف التوقعات هذا العام، كما جاء على لسان الفلكيين، ليس بكونها "كارثية"، بل إنها مسيّسة شكلا ومضمومنا، فمن كان له حساب خاص مع إحدى الدول، بدت لديه التوقعات "مبشرة" كما ظهر مع فغالي، الذي حاول طوال حلقته على قناة الدنيا، الترويج لنظام الرئيس السوري، وكما قالت أيضا جمانة قبيسي على قناة "ان بي ان" في الحديث عن مميزات القلب الطيب والشخص الحكيم للرئيس السوري، مشيدة بتطورات الشعب الايراني، ووقوفه مع سورية في ظل العدوان الخارجي. فيما راح من يقف مع الثورات العربية، بالترويج لمقتل بعض الرؤساء العرب بطرق شنيعة، وما حدث من انقلابات للجيوش ضد الحكام، وكذلك ستكون هناك حرب إيرانية واسعة المدى تضم 8 دول من بينها قطر (وفق ما جاء في تنبؤات الشيباني). وكذلك توقعت ليلى عبد اللطيف من قناة" ال بي سي" ان تكون هناك نهاية لنظام الأسد وللرئيس نفسه، اضافة الى توقعاتها للوضع اللبناني السياسي والانسجام بين كافة الأطراف، وعدم وجود حرب أهلية. كانت هذه التكهنات التي نشطت هذا العام بمثابة جرعة "سياسية"، واتجهت في "التسييس" إلى حالة من الموقف مع أو ضد، وهي تكهنات ربما أحس بها المواطن العربي بأن مثل هذه الشخصيات الفلكية البارزة، من الصعب تصديق أقوالها، لأن المواطن يدرك أن هناك تطورات هي التي تحدد ما يمكن أن يحدث وما ستؤول اليه الظروف، لا أن يطلق الآراء لإرضاء "أصحاب القرار" في ظل هوس المواطن في استقراء وضع، غالبا ما لا يحدث. وتؤكد التنبؤات أنها أقرب إلى التخيلات، حيث يرى الكثيرون أنها بعيدة عن الواقع وهي مجرد التكهن بها يعني "الكذب". وستكشف الأيام المقبلة "زيف" بعض الفلكيين، وستواصل وسائل الإعلام، بل ستتسابق للحصول على فلكيين يستطيعون تخيّل وتصور الواقع، لما يحدث في المرحلة الراهنة، وما ينتج من أمور تعاكس تخيلاتهم التي أصبحت عبارة عن فقرة تحليل سياسي "مأجور" إن صح التعبير.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]