بحوار افتراضي بين شاعرين عملاقين عاشا في حقبتين مختلفتين هما أبو الطيب المتنبي والشاعر العراقي الكبير محمد مهدي الجواهري, يبدأ فيلم كبرياء العراق الذي يجري إنتاجه الآن ليعرض في تموز المقبل ذكرى وفاة الشاعر العراقي الكبير الجواهري.
الفيلم صورت مشاهده في أربيل وبعلبك والهرمل والجزء الأخير في التشيك والفيلم من إعداد وإخراج أنور الحمداني ويجسد شخصية الجواهري فيه الممثل العراقي عبد الستار البصري, فيما يؤدي دور المتنبي الممثل اللبناني عمار شلق.
وفيلم كبرياء العراق دراما وثائقية من سبعة أجزاء, ويتضمن كل جزء من الفيلم - الذي يستغرق عرضه ساعة ونصف الساعة- مشاهد درامية لحياة الجواهري, منذ أن كان طفلاً مرورا بمرحلة الشباب إلى آخر أيام حياته, وفق مخرج وكاتب السيناريو أنور الحمداني.
كما يتضمن الفيلم أكثر من أربع ساعات للقطات وثائقية نادرة عن حياة الجواهري وشهادات تاريخية حية لشخصيات عراقية ولبنانية وسورية وأردنية, إضافةً إلى مستشرقين من تشيكيا اذ عاش الجواهري فيها سنوات طوال من حياته.
ووفق الحمداني فإن ميزة هذا العمل أنه لأول مرة يجسد درامياً شخصية الجواهري, ويتناول صفحات مخفية من تأريخ العراق السياسي ومراحل تاريخ العراق من العهد العثماني مروراً بالعهد الملكي وانتهاءً بالمدة الجمهورية, وعلاقة الجواهري مع الملك فيصل الأول وعبد الكريم قاسم.
ومحمد مهدي الجواهري (1899 -1997) شاعر العرب الأكبر, ولد في النجف, كان أبوه عبد الحسين عالماً من علماء النجف, أراد لابنه أن يكون عالماً دينيا, لذلك ألبسه عباءة العلماء وعمامتهم وهو في سن العاشرة. وترجع اصول الجواهري إلى عائلة عربية نجفية عريقة, واكتسبت لقبها الحالي الجواهري نسبة إلى كتاب فقهي قيم ألفه أحد أجداد الأسرة وهو الشيخ محمد حسن النجفي, وسماه جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام
قرأ القرآن وهو في سن مبكرة ثم أرسله والده إلى مُدرّسين كبار ليعلموه الكتابة والقراءة والنحو والصرف والبلاغة والفقه. وخطط له والده وآخرون أن يحفظ في كل يوم خطبة من نهج البلاغة وقصيدة من ديوان أبو الطيب المتنبي.
نظم الشعر في سن مبكرة وأظهر ميلاً منذ الطفولة, واشترك في ثورة العشرين عام 1920 ضد السلطات البريطانية.
صدر له ديوان بين الشعور والعاطفة عام (1928). وكانت مجموعته الشعرية الأولى قد أعدت منذ عام (1924) لتُنشر تحت عنوان خواطر الشعر في الحب والوطن والمديح. وراح يعمل بالصحافة بعد أن غادر النجف إلى بغداد, فأصدر مجموعة من الصحف منها جريدة (الفرات) وجريدة (الانقلاب) ثم جريدة (الرأي العام) وانتخب عدة مرات رئيساً لاتحاد الأدباء العراقيين.
في أواخر عام 1936 أصدر جريدة (الانقلاب) إثر الانقلاب العسكري الذي قاده بكر صدقي لكنه سرعان مابدأ برفض التوجهات السياسية للانقلاب فحكم عليه بالسجن ثلاثة أشهر وبإيقاف الجريدة عن الصدور شهراً.
كان من أبرز المؤسسين لاتحاد الأدباء العراقيين ونقابة الصحافيين العراقيين, بعد قيام الجمهورية وانتخب أول رئيس لكل منهما. وقف ضد انقلاب 8 شباط ,1963 وترأس حركة الدفاع عن الشعب العراقي المناهضة له. وأصدرت سلطات الانقلاب قراراً بسحب الجنسية العراقية منه, ومصادرة أمواله المنقولة وغير المنقولة, هو وأولاده عاد إلى العراق في نهاية عام 1968 بدعوة رسمية من الحكومة العراقية, بعد أن أعادت له الجنسية العراقية, غادر العراق لآخر مرة, ودون عودة, في أوائل عام .1980 تجول في عدة دول ولكن كانت اقامته الدائمة في دمشق التي امضى فيها بقية حياته حتى توفي عن عمر قارب المئة سنة, اما المتنبي, هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد, أبو الطيب الجعفي الكوفي, ولد سنة 303 ه¯ في الكوفة بالعراق, وعاش افضل ايام حياته واكثرها عطاء في بلاط سيف الدولة الحمداني في حلب وكان أحد أعظم شعراء العرب, وأكثرهم تمكناً باللغة العربية وأعلمهم بقواعدها ومفرداتها, وله مكانة سامية لم تتح مثلها لغيره من شعراء العربية. فيوصف بأنه نادرة زمانه, وأعجوبة عصره, وظل شعره إلى اليوم مصدر إلهام ووحي للشعراء والأدباء. وهو شاعر حكيم, وأحد مفاخر الأدب العربي.. قال الشعر صبياً. فنظم أول اشعاره وعمره 9 سنوات. اشتهر بحدة الذكاء واجتهاده وظهرت موهبته الشعرية باكراً.
صاحب كبرياء وشجاع طموح محب للمغامرات. في شعره اعتزاز بالعروبة, وتشاؤم وافتخار بنفسه, أفضل شعره في الحكمة وفلسفة الحياة ووصف المعارك, إذ جاء بصياغة قوية محكمة. إنه شاعر مبدع عملاق غزير الإنتاج يعد بحق مفخرة للأدب العربي, فهو صاحب الأمثال السائرة والحكم البالغة والمعاني المبتكرة.