مواكب الخريجين .. تجاوزات تصل حد الموت أحيانا

ما ان يعلن رؤساء الجامعات الرسمية والخاصة عن انتهاء العام الدراسي للطلبة ، وبانهم اصبحوا خريجين من الجامعة ، حتى تشاهد مواكب الخريجين وهي تجوب الشوارع بطرق عشوائية ودون مراعاة لراحة المواطنين وبخاصة المرضى.

لسنا الوحيدين

الطالب الخريج شادي عبدربه يقول لسنا الوحيدين في الشارع ممن يعبر عن فرحته بهذه الطريقة ، هناك ايضا مواكب الاعراس فتجدهم على الاشارات الضوئية وبخاصة عندما تكون حمراء ، حيث يخرج المشاركون من سياراتهم لعقد حلقة دبكة ، وحين يتحول لون إشارة المرور الى الاخضر يهرع هؤلاء إلى السيارات التي يجب ان تنطلق ، فان تأخر البعض تبقى حركة السير متوقفة الى حين متابعة الموكب مسيرته.

حرية الآخرين

اما حسين جبر "مرشد تربوي"فيقول : جميعنا يعلم ان مثل هذه المواكب سواء كانت لطلبة جامعيين او لافراح فانها تتسبب بالحوادث والاختناقات المرورية ، وان حرية المحتفلين يجب ان تتوقف عند حدود حرية الآخرين ، ومن حقنا استعمال الشارع بطريقة منطقية وآمنة ، ولاطفالنا الحق بالنوم الهادئ.

ازعاج للجميع

اما مدير مركز الثريا للدراسات والاستشارات والتدريب الدكتور محمد الجريبيع فوصف الامر بظاهرة تشكل ازعاجا للجميع ، وقال: هناك سيارات تسير بعشوائية وشباب يخرجون من نوافذها ويزينون سيارتهم ويحملون ارواب التخرج بشوارع مكتظة بازمة مروية خانقة ، وصراخ يتعالى من كل حدب وصوب ، وموسيقى صاخبة في الشوارع ، واضاف: هذا ما اصبحنا نشاهده في هذه الايام ونحن نعيش موسم التخرج من الجامعات.

وقال الجريبيع مضيفا :ففي مواكب الخريجين تتزاحم المصائب المرورية ، فالتناقضات تشتعل ما بين سيارات تسير بجنون وما بين سيارات تكاد لا تتحرك الا امتارا ، و هذه الظاهرة باتت تشكل قلقا عاما وتشكل خطرا وازعاجا يهدد من يسير في الشارع ومن يجلس في بيته ، وقال : ان هذه الظاهرة جديدة على مجتمعنا الاردني ولم نلاحظها الا خلال السنوات الخمس الاخيرة ، كما ان هذ الظاهرة هي جزء من الثقافة الاستهلاكية الدخيلة على مجتمعنا ، وهي جزء من منظومة القيم الجديدة والتي اصبحت تميز شبابنا من خلال تجمعات الشباب من كلا الجنسين وتشكيلهما لمجتمع مختلف واحيانا مختلف عن اسرهم. ولفت الجريبيع النظر الى ان هذه الظاهرة الصوتية اصبحت تشكل ازعاجاً مجتمعياً وتشكل ايضا خطرا يهدد امن المواطنين ، كما انها تعزز قيم جديدة ستهدد مع مرور الوقت امن المجتمع لانها ظاهرة مزعجة ، في الوقت الذي يمكن ان نحول افراحنا الى ظاهرة ايجابية ، اذا راعينا امن المجتمع وسلامة المواطنين ، وعملنا على ان يكون الفرح فرحا مشروعا دون التسبب باذى الاخرين.

ظاهرة سلبية

اما مدير ادارة السير المركزية العميد عدنان فريح فاعتبر ان اغلب هذه المواكب يرافقها ازعاج ومخالفات وتصبح ظاهرة سلبية لا تليق بالمجتمع الاردني وبثقافته ، فمواكب الافراح وخاصة مواكب الخريجين وعلى الطريقة الفوضوية التي نراها تعتبر مظهرًا غير حضاري للتعبير عن الفرح ، فقد بات مألوفا ان نشاهد في هذه الاوقات من السنة مواكب السيارات التي تخرج من الجامعات وتحمل الطلبة وهم يرتدون أرواب التخرج ويزينون سيارتهم وقد خرجوا من نوافذها معلنين للملأ بأنهم تخرجوا غير آبهين للمخاطر التي قد يتسببون بها لبقية المواطنين الذين يسيرون في الشوارع نتيجة القيادة الطائشة والتي منها قطع الاشارة الحمراء بهدف اللحاق بسيارات الموكب مما يعد قمة الاستهتار.

اجراءات مشددة

ونوه فريح الى ان معظم الدراسات تشير ان"60 - 80 %"من اسباب الحوادث تعود الى اخطاء بشرية ، سببها التصرفات والسلوكيات غير الصحية الصادرة عن السائقين رغم اتخاذ كافة الاجراءات المشددة تجاه المخالفين منهم تصل في بعض الاوقات الى حجز المركبة وسحب الرخص ، خاصة عندما تكون المخالفة تهدد حياة المواطنين.

ولفت فريح النظر الى انه قد تم العام الماضي تحرير العديد من المخالفات ، منها"1373" مخالفة بحق مركبات تسير بمواكب افراح وتعيق حركة السير ، منها"331"مخالفة بحق مخالفين اخرجوا جزءا من اجسامهم من المركبة اثناء سيرها في مواكب الافراح ، رغم ان احصائيات العام الماضي اشارات الى وجود انخفاض في الاصابات البليغة بنسبة"46 %"، الوفيات بنسبة"9,31"، هذه مؤشرات تبعث على التفاؤل وتشير الى ان تكثيف الجهود وتوحيدها يحقق الأهداف التي تصبو اليها ادارة السير.

عقوبات بالقانون

وقال فريح ان مديرية الامن العام وادارة السير في حال وقعت مثل هذه التصرفات فانهما يقومان باتخاذ الاجراءات القانونية والادارية ومنها تحرير المخالفات والعقوبات لمنع وقوع مثل هذه الامور على الطرقات ، وذلك بموجب قانون السير رقم"49"لعام "2008"، وبخاصة المادة رقم"36"بند"27"التي تنص على انه يعاقب بغرامة مقدارها"30"ثلاثون دينارا كل من يرتكب مخالفة المسير على شكل مواكب يؤدي الى اعاقة حركة السير ، او خروج جزء من اجسام الركاب من تلك المركبة اثناء سيرها ، او عدم تقيدها بالسير على المسرب الايمن ، كما يعاقب السائق ضمن المادة رقم"37"بند"31"بمخالفة استعمال المنبه او النغمات الموسيقية او مكبرات الصوت بصورة مزعجة بغرامة مقدارها"20"عشرون دينارا ، فيما نصت رقم"37"بند"27"على انه يعاقب السائق على مخالفة استعمال اجهزة التسجيلات الصوتية داخل المركبة بشكل يتنافى والاخلاق او يسبب الضوضاء والازعاج بغرامة مقدارها"20"عشرون دينارا. واضاف فريح: واخيرا نقول للجميع ان مسؤولية الحد من هذه الحوادث المأساوية مسؤولية جماعية ، كما نذكر بان مواكب الخريجين تعتبر ظاهرة مرورية سلبية تعيق المرور وتربك السائق وتحصد الارواح كل عام ، لهذا نناشد كل خريج بألا يفسد فرحته بحادث سير مأساوي يحول الفرح الى ترح ، كما يجب كف يد السائق المتهور عن المقود لان القيادة فن وذوق واخلاق ولان ايضا ارواح الناس ليست لعبة ، فيما هناك العديد من الاماكن المخصصة للاحتفال والتي يستطيع من خلالها الطالب الناجح ان يعبر عن فرحته وبشكل حضاري وآمن ودون ان يؤذي الآخرين.

الله يعافيك أخي