مقال لن أكون عبدا للراتب 2-2 سعيد بن على العضاضي

مقال لن أكون عبدا للراتب 2-2 سعيد بن على العضاضي
مقال لن أكون عبدا للراتب 2-2 سعيد بن على العضاضي
مقال لن أكون عبدا للراتب 2-2 سعيد بن على العضاضي
في سلسلة الثقافة المالية التي يتعين علينا جميعا معرفتها وإتقان آلياتها والتدرب على أساليبها ذكرت في مقال الأسبوع الماضي أثمن كتاب في رأيي اهتم بتنمية الثقافة المالية للأفراد، وهو كتاب ''لن أكون عبدا للراتب''. وقد بينت خصائص الكتاب واقترحت على من لم يطلع عليه أن يحصل على نسخة منه ويبدأ حياته المالية بتنفيذ بعض المقترحات التي أوصى بها المؤلف، كما بينت بعض السلبيات التي لا يخلو منها أي منتج فكري. وقد تساءل البعض أين نجد الكتاب؟ وعدد آخر من الأسئلة دفعتني إلى أن أعقب بمقال آخر لتوضيح بعض هذه الأمور.

أظن أنه صدر إلى الآن طبعتان، وقد اطلعت على الطبعة الثانية ولا أدري هل هناك طباعات أخرى متعاقبة أم أنه اكتفى بهذا، ونرجو من المؤلف إن كان قد توقف لأي سبب كان أن يستمر في إنتاجه الفكري ويخرج للناس الطبعة الثالثة على أن يأخذ في الاعتبار بعض الملاحظات التي أوردتها في مقال الأسبوع الماضي، فالمشكلة الرئيسة للكتاب تناثر الأفكار وتشتت النقاط وتكرار الموضوعات. كما نأمل من دور النشر أن تسوق لهذا المنتج بشكل جلي وتعرضه للناس في منافذ توزيع مناسبة فهو أنفع بكثير من بعض الكتب التي نراها تسفه الأفكار وتحتقر العقول وتؤذي الذوق العام.

وحتى يتسنى للمؤلف الاستجابة لطلبنا هذا أريد هنا أن أبين الأفكار الرئيسة التي بنى عليها مؤلف كتاب ''لن أكون عبدا للراتب'' أفكاره وأطروحاته. الفكرة الرئيسة التي يدور حولها الكتاب تتمثل في النظرة الرشيدة إلى المال والطريقة البسيطة لتنميته وعدم الاعتماد كليا على الوظيفة، وينادي بتشغيل الأموال الفردية مهما كانت ضآلتها حتى تولد أموالا أخرى، فدخول 100 ريال في حسابك من تشغيل أموالك الشخصية سيبعدك عن سيطرة الوظيفة ويقربك من الحرية المالية التي يطمح إليها كل فرد.

بطبيعة الحال إذا أردت أن تكون معنا فعليك أن تعلم أننا لا نهدف إلى تكوين ثروة وبناء مشروعات ضخمة بل بدائل ومصادر أموال متعددة وبسيطة تعين على أعباء الحياة وتغنينا عن القروض من البنوك والديون من الموسرين، فالدين كما يقال ''هم بالليل وذل بالنهار''. ولكي تصل إلى هذا يتطلب منك الصبر وعدم الاستعجال والعمل الدؤوب بتحديد أهداف واضحة يمكن قياسها. إن جميع مقترحات وآليات الكتاب تتمثل في الاعتماد على النفس وتنمية الأموال ليست بطريقة الشركات وقطاع الأعمال بل بطريقة الأفراد خطوة بخطوة وسنة بسنة دون استعجال أو تذمر أو إحباط، وكل ما في الأمر إكساب عادات جديدة والتخلص من عادات بالية.

أهم خطوة للبدء في تنمية الأموال الشخصية هي تنمية عادة الادخار وتقليل إفادة الاستهلاك وألا تبدأ مباشرة بالاستثمار حتى يتكون لديك المبلغ الكافي وفي مشروعات صغيرة محدودة بسيطة فيها القليل من المخاطرة والكثير من الأمان. وكما ذكرت ليس الهدف أن تكون ثريا بل أن تستغني عن الناس والمؤسسات المالية. إن تنمية عادة الادخار تتطلب منك القناعة بأهميتها، فالبعض لا يرى قناعة في الادخار، وأن هذا أسلوب غير منطقي ولن يوصله إلى شيء. البعض الآخر يريد أن يبقى هكذا يبدد أمواله حتى ينزل عليه كنز من السماء ثم يبدأ بتنمية أمواله، وهذا كما ذكر المؤلف يشبه إلى حد كبير من يقول إنه لن يبدأ بالريجيم حتى ينقص وزنه. فإذا تكونت بداخلك أهمية الادخار ــــ فقط الادخار ــــ واقتنعت بأهميته فقد بدأت الخطوة الأولى نحو السير إلى الحرية المالية وعدم الاعتماد على مرتب الوظيفة، وإذا لم تكن مقتنعا بهذا ولم تدرك أهمية الادخار فمقال كهذا وكتاب كالذي نروج له لن يجديك فتيلا، وأنت بذلك لا تبحث عن الحرية المالية بل عن الثراء، وهذا حقك ولكن لبس هذا ميدانك. عود نفسك وأهلك على الادخار وحفز ذاتك على حفظ المال، وهذا يحتاج بالفعل إلى وقت حتى تنتقل إلى الخطوة الثانية. بطبيعة الحال ليست هناك نسبة محددة كي تقتطع من مرتبك للادخار إلا أنها تراوح بين 10 في المائة و50 في المائة، وهذا يعتمد على حجم المرتب وطريقتك في إدارة مصروفاتك، المهم يجب أن تحجز جزءا ولو بسيطا جدا من مرتبك فقد تبدأ بـ 5 في المائة كتدريب، وتزيدها تدريجيا. نعم هناك متطلبات وأنا أعلمها، ولكن في هذه الخطوة المطلوب تدريب نفسك ومن هم تحت عباءتك على أهمية جمع المال حتى تنتقل إلى الخطوة الثانية.

البعض يلجأ إلى تنظيم مالي غير رسمي يتضمن استقطاع جزء يسير من رواتب عدد من الموظفين (زملاء العمل أو أقارب) ووضعه في حساب أحدهم ويدور عليهم الدور بهذه الطريقة، وهذه قد تفيد إذا كان مردودها يخضع جزء منه للادخار، أما إذا كان الهدف من جمع المال بهذه الطريقة الاستهلاك فقد ضيع الموظف وقته وحرم نفسه، كما أن هذه الطريقة لا تنمي عادة الادخار وهي تناسب الذين لا يستطيعون السيطرة على مصروفاتهم، حيث يضطرهم الالتزام الأدبي مع مجموعة إلى خفض الاستهلاك رغما عنهم.

الخطوة الثانية لمن أراد أن ينتقل إلى الحرية المالية ألا يبدأ أي مشروع استثماري أو استهلاكي بالأقساط والديون فإن فعل فقد أتاه الفقر واستعجل الفاقة، كما يفعل الكثير من شبابنا عندما يبدأ حياته المالية بشراء سيارة بالتقسيط وهو لا يعلم أنه يستدين من المستقبل ويظل أسيرا للبنك أو لوكالة السيارة خمس سنوات تستنزف باكورة أمواله. وهذا الموضوع يحتاج إلى تفصيل سنبينه في المقال المقبل ــــ بإذن الله.