هذه الحالة ليست فانتازيا منسوجة من مخيلة رسام كاريكاتور, ولا هي احدى لوحات الفنان ياسر العظمة في برنامجه المشهور مرايا, بل هي قصة بسيطة حدثت في احد صباحات عمان.
ما كاد سائق السرفيس يدخل على الهواء مباشرةً عبر اثير محطة اف . ام , حتى بدأ ببث شكواه بحرقة ولوعة..(يا سيدي)..نزلت صباح يوم الجمعة في العاشرة صباحا لشراء صحن حمص للافطار, استوقفني رجل وطلب مني ايصاله, اعتذرت لانني لست في حالة عمل وعليّ العودة بصحن الحمص للاولاد, فما كان منه الا ان اشهر دفتر المخالفات واخبرني بانه من رجال المباحث المرورية وحرر لي مخالفة جعلت من قيمة صحن الحمص 23 ديناراً, (معقول يعني ادفع حق صحن الحمص 23 دينارا)! امتناع وتغيير مسار.
للامانة فان مذيع البرنامج الحواري تفاعل مع السائق بعد ان اجرى معه تحقيقاً سريعاً على الهواء... (يعني اكيد روايتك صحيحة? طيب ليش اصلا توقفله? لانو في منكم لما نبعثه على حد ببين انو الموضوع مش مثل ما حكاه...يعني كان مبين انو معك صحن حمص? طيب يمكن العسكري كان مش ماخذ اجازة يومها ومعصب شوي.. ليش ما حاولت تشرحله وضعك...يا سيدي حاولت وبعدين حكيتلو انو هيك ظلم فاجابني نعم احنا جماعة مباحث المرور ظالمين.. يتدخل المذيع.. يا اخي كان بمزح معك.... فيجيب السائق ببساطته لا والله يا سيدي كان بحكي جد) وبعد التأكد من اجابات السائق قال له المذيع.. (طيب لماذا لم تتقدم بشكوى?) اجاب السائق ذهبت, فاخبرني المدعي العام ان هذا هو القانون وان كان لدي اي احتجاج عليه فعلي الذهاب الى مجلس النواب!
اجاب المذيع: مجلس النواب? الانتخابات لم تجر بعد! فكيف تذهب الى مجلس النواب ? تفاقمت الحالة واصبحت القضية اكبر مما اعتقد السائق الذي وجد نفسه يدخل في قضية سياسية لا يفهمها ولا تعنيه ولا يعنيه مرشح العشيرة او غيره بمقدار ما يعنيه ثمن صحن الحمص.
لكن المذيع اصر وبكل جدية ان يتابع الامر فاتصل بادارة المرور التي اكدت له ان هذه الحالة تحدث كثيراً وان رجل الامن الميداني مكلف بتنفيذ القانون حسب نصه الذي لا يستثني احدا ولا يُستثني وقتا دون اخر, وان التشريع لم يحدد استثناءات كحالات الضرورة القصوى او الحالات الانسانية او حالة على شاكلة فطور صاحبنا) , وان مركبة عمومية كهذه تعتبر ملكاً للشعب وعلى سائقها في حالات الحاجة لاستخدام مركبة لامر شخصي استخدام سيارات التاكسي!
(يعني شوفير سرفيس محدود الدخل يأخذ سيارة تاكسي لشراء صحن حمص بعد ان يركن سيارته امام البيت!
المذيع: (اها ...اذن الامر متعلق بسن القانون..القصة اذن هي نوعية النائب ..... مهو انت يا اخي لما تيجي تنتخب بتنتخب نائب (بفل) من الجلسات, وطول نهاره داير على الوزارات يدور وساطات وتعيينات, ويوم مرور قانون السير امام المجلس ابصر بأيش كان مشغول او حتى لما تيجي الانتخابات ما بتروح...الخ ).
خرج الامر عن اطار المخالفة والصحن وضاعت قضية السائق ما بين القانون والتطبيق الصارم الذي يأخذ بالاعتبار نص الفقرات وليس روحها.
وعلى صدق واهمية ما قاله المذيع الا ان صديقنا الذي تعرض لاكثر من توبيخ من اكثر من جهة في وقت واحد وجد نفسه المتهم المباشر والاول عن اداء ونوعية مجلس النواب السابق ووجد نفسه يتحمل شخصياً تبعية اختيار اعضاء مجلس النواب للدورة المقبلة... وما اكثر القضايا في وطننا التي تبدأ بصحن حمص ولا تنتهي عند مجلس التشريع ويدفع المواطن بالنهاية 23 دينار او اكثر ثمناً لصحن حمص!.