قصف التحالف يطال الجنوب الليـــبي.. وروسيا ترجّح تدخلاً برياً

قصف التحالف الدولي، لأول مرة أمس الجنوب الليبي، وسط أنباء عن إسقاط مقاتلة فرنسية وأسر قائدها، وفيما اطلقت غواصة بريطانية مجموعة صواريخ «توماهوك» على انظمة المضادات الأرضية في ليبيا، استهدف التحالف كلية عسكرية في شرق طرابلس، إذ قالت الحكومة الليبية ان القصف طال أهدافا مدنية وعسكرية. وبينما قالت فرنسا إن الضربات الجوية ضد النظام الليبي، من المرجح أن تستمر لمدة «أيام وأسابيع»، واعلنت عن تدمير طائرة حربية ليبية في مطار مصراتة، اعتبر الكرملين أن تدخلا بريا للتحالف في ليبيا أمر مرجح وضروري.

وفي التفاصيل، أفادت وكالة الأنباء الليبية بأن مطار مدينة الجفرة جنوب طرابلس تعرض لقصف جوي من قبل طائرات قوات التحالف، في ساعة مبكرة من صباح أمس، وهذه هي أول مرة تقوم فيها قوات التحالف بقصف الجنوب الليبي. من جهة أخرى، ذكر موقع صحيفة الوطن الليبية الإلكتروني، أنه تم إسقاط طائرة حربية فرنسية في مدينة سرت، شرق طرابلس، أثناء قصفها أحد المواقع، وتم أسر طيارها وتسليمه إلى القوات الليبية. وقالت الوكالة، نقلا عن مصدر عسكري، إن الغارات استهدفت حيا سكنيا في تاجوراء شرقي طرابلس، ما أوقع عددا كبيرا من القتلى المدنيين. وقالت الوكالة إن الحي قصف ثلاث مرات، استهدفت المرة الثالثة المسعفين الذين كانوا يقومون بإنقاذ ضحايا الغارتين الأولى والثانية. وأوضح المصدر أيضا أنه تم قصف مواقع مدنية وعسكرية في مدينة الجفرة.

وقالت وكالة الأنباء الفرنسية إن صوت إطلاق نار مضادات للطائرات سمع صباح أمس في مدينة طرابلس، بعد ليلة شهدت غارات شنتها قوات التحالف على العاصمة الليبية، فيما تتواصل المعارك بين كتائب العقيد القذافي وقوات الثوار في مدينتي مصراتة والزنتان وبلدة أجدابيا. وحسب الوكالة، فقد انطلقت أصوات مضادات الطائرات بكثافة في العاصمة طرابلس، إذ تدخل العمليات العسكرية التي تشنها قوات التحالف يومها السادس، وكانت السلطات الليبية قد ذكرت أن عددا كبيرا من المدنيين قتلوا خلال غارات الليلة قبل الماضية، على طرابلس. وقد اصطحب مسؤولون ليبيون صحافيين إلى مستشفى طرابلس، في وقت مبكر أمس، ليروا ما قالوا إنها الجثث المتفحمة لثمانية عشر عسكريا ومدنيا قتلتهم الغارات الجوية، أو الهجمات الصاروخية للقوات الغربية، كما صعدت كتائب القذافي الأمنية عملياتها العسكرية على مدينتي مصراتة والزنتان وبلدة أجدابيا. وقال الثوار إنهم غير قادرين على التقدم نحو أجدابيا، خشية الأسلحة الثقيلة لدى قوات القذافي، كما قصفت دبابات كتائب القذافي الموجودة وسطَ مدينة مصراتة، ما أدى إلى مقتل عدد من المدنيين، بينهم أربعة أطفال من عائلة واحدة، أما في الزنتان فطهّر الثوار غابة الكشافة شرقي المدينة، وتصدوا لمحاولة دخول قوات القذافي من الجهة الشمالية.

وقصف التحالف، أمس، كلية عسكرية في تاجوراء، الضاحية الشرقية لطرابلس، وأفاد شهود لوكالة «فرانس برس»، بأنهم سمعوا دوي ثلاثة انفجارات قوية في تاجوراء، وتصاعدت على الأثر أعمدة دخان من الكلية العسكرية، التي تعرضت السبت والثلاثاء أيضا لقصف من جانب قوات التحالف الدولي.

وأعلنت وزارة الدفاع البريطانية أن غواصة بريطانية أطلقت مجموعة صواريخ «توماهوك» على أنظمة المضادات الأرضية في ليبيا، خلال هجوم منسق مع التحالف الدولي. وقال الناطق باسم الجيش الجنرال جون لوريمر، إن القوات المسلحة البريطانية شاركت مرة جديدة في هجوم منسق على نظام المضادات الأرضية الليبية، بموجب القرار ،1973 الصادر من مجلس الأمن الدولي. وأضاف، في بيان، أن الصواريخ الموجهة من نوع «توماهوك»، أطلقت من غواصة، من دون إعطاء مزيد من التفاصيل حول الأهداف، ونتيجة هذه الهجمات.

من جهته، دعا وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ حلف شمال الأطلسي، إلى تسلم المسؤولية عن عمليات ليبيا في أقرب وقت ممكن، وندد بالعنف المروع المستمر، الذي يمارسه حكامها ضد المدنيين. وقال دبلوماسي من الدول المتحالفة لوكالة «فرانس برس»، إن الأطلسي وضع اللمسات الأخيرة على الجزء الأساسي من بنيته لقيادة هذه المهمة.

وفي باريس، أكد وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه، أمس، أن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، سيواصل الغارات الجوية على أهداف عسكرية في ليبيا، وسط تأكيدات عن تعطيل قوات القذافي الجوية. وقال جوبيه إن الضربات الجوية من المرجح أن تستمر لمدة أيام وأسابيع، ولكن ليس لشهور، مضيفا أن الوقت قد حان لبدء التفكير الآن بشأن تنظيم السلام. وقال للصحافيين إن العملية العسكرية ليست مقررة لتستمر، مؤكدا «نحن نستهدف الوسائل العسكرية، ولا شيء غير ذلك».

من جهته، أعلن وزير الدفاع الفرنسي جيرار لونغيه أن جنود القذافي يدركون أن لا أمل لهم بالنصر، وذلك في اليوم السادس للعملية العسكرية الجوية فوق ليبيا.

وصرح لإذاعة «أوروب 1»، بأن هؤلاء الجنود يدركون، ونحن نعلم ذلك من خلال أجهزة التنصت، أن لا أمل بانتصار القذافي، هذا عامل نفسي في غاية الأهمية، نحن نشعر بتزعزع عزيمتهم.

وقال متحدث باسم القوات المسلحة الفرنسية إن طائرة حربية فرنسية من طراز رافال أطلقت أمس صاروخ جو-أرض على طائرة عسكرية ليبية ودمرتها بعد هبوطها في قاعدة مصراتة الجوية. وقال المتحدث «نفذت الدورية الفرنسية ضربة جو أرض بصاروخ ايه. ايه.اس.ام بعد هبوط الطائرة مباشرة في قاعدة مصراتة الجوية». وأضاف أن الطائرة التابعة للجيش الليبي وهي من طراز جي-2 يوغوسلافية الصنع، انتهكت حظر الطيران الذي أجازته الامم المتحدة، وبذلك تكون اول طائرة ليبية تقوم قوات التحالف الدولي بإسقاطها منذ بدء التدخل العسكري.

من جانبه، اعتبر المستشار الدبلوماسي للكرملين سيرغي بريخودكو أن من المرجح أن يكون التدخل البري في ليبيا ضروريا، مشيرا إلى أن روسيا «كانت تعرف ما تفعل»، عندما اختارت عدم استخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي. وقال بريخودكو، بحسب ما نقلت عنه وكالة ايتار ـ تاس، «لا توجد خطة منسقة، والعملية يمكن أن تطول». وأضاف «ندرك أنه إذا طال أمد العملية الجوية، فلن نتمكن، عاجلا أم آجلا، من الإفلات من عملية برية مهما قيل».

وأعلن المستشار الدبلوماسي للرئيس ديمتري مدفيديف أيضا «لن نؤيد التدخل العسكري، لكننا لن ننتقد أنفسنا مع ذلك، كنا نعرف ما نفعله عندما امتنعنا أثناء التصويت في مجلس الأمن».

وقال بريخودكو «يجب ألا ننسى أن وراء (التدخل) توجد أعمال (معمر) القذافي نفسه ضد شعبه، لهذا السبب لا يمكن انتقاد الموقف المعنوي، للذين يقاتلون ضده».