أكد السفير السعودي في القاهرة أحمد عبد العزيز قطان أنه لا علاقة حاليا بين المملكة العربية السعودية والرئيس المصري السابق حسني مبارك بعد تنحيه, وقال إن علاقة المملكة هي مع الشعب المصري ومن يرأسه,وخلاف ذلك فانه لا توجد أي اتصالات مع الرئيس السابق ولم تعرض السعودية استضافته. واستغرب السفير السعودي لـ( الأهرام)- في أول حديث صحفي له عقب تسليم أوراق اعتماده للمشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة- كيف يؤكد المجلس الأعلى وجود الرئيس السابق مبارك في شرم الشيخ ثم تنشر صحيفة كبري أنه في المملكة,مؤكدا أن كل ما نشر عنه غير صحيح وكذب وهراء وافتراء,ولم تكتف هذه الصحف بذلك بل قالت انه توجه الي مدينة تبوك في السعودية وأن هناك من قام باستقباله,ومثل هذه الأمور يجب أن تتعامل معها وسائل الاعلام المصرية بكل شفافية وصدق.
كما نفي السفير السعودي بشدة مانشر حول قيام بلاده بتهديد مصر بسحب استثماراتها منها وطرد العمال المصريين من أراضيها حتي لا يحاكم الرئيس السابق, وتساءل في دهشة قائلا هل هذا منطقي أو معقول؟!وهل يمكن أن يتحدث المسئولون السعوديون بهذا الشكل مع المشير طنطاوي أو المسئولين المصريين؟!ووصف هذه الأنباء بأنها سخيفة ولا تستحق الرد عليها لكنها تثير الغضب لأنها تستهدف الوقيعة بين الشعبين المصري والسعودي, وهو مالن يحدث بإذن الله, لأن علاقاتنا أكبر من هذا بكثير.
وأكد قائلا انني حضرت اللقاءين اللذين جريا بين وزير الخارجية السعوي الأمير سعود الفيصل والمشير طنطاوي ولم يتم التطرق الي هذا الموضوع من قريب أو بعيد.كما أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز عرف بمحبته وتقديره للشعب المصري ولا يمكن أن يتحدث في هذه الأمور بهذا الشكل.فعلاقاتنا بمصر وشعبها لا يستطيع أحد أن يزايد عليها.
وقال ان البيان الذي أصدره خادم الحرمين عندما بدأت الأزمة وقبل أن يتنحي الرئيس السابق ورد فيه بالنص اننا مع الشعب المصري,وهذه هي رؤية بلادنا وهي أننا نقف مع الشعب المصري,وندرك أن مصير بلدينا واحد وأنه اذا حدث أي اهتزاز لمصرـ لا قدر الله ـ فانه سوف يحدث اهتزاز في المنطقة بأسرها.لكن هذا لا يمنع أن القيادة السعودية لا تنسى للرئيس السابق مواقفه في الكثير من الأمور خاصة موقفه القوي من غزو الكويت.
كما أكد السفير أحمد قطان عدم علمه بما أثير قبل تنحي مبارك حول استعداد الرياض لدعم مصر بانشاء صندوق قيمته خمسة مليارات دولار اذا توقفت المعونة الأمريكية لمصر, وقال ان هذه هي المرة الأولى التي أسمع فيها هذا الكلام وهذه أمور غير صحيحة لكن لاشك أنه اذا توقف الدعم الأمريكي لمصر فان السعودية لا يمكن أن تتأخر عن مد يد العون لها سواء كان الرئيس المصري هو حسني مبارك أو غيره,ولا يمكن أن يتم استخدام المساعدة السعودية لمصر في هذه الحالة لفرض أمر ما عليها.كما أن مصرلايمكن أن تقبل ذلك من الأساس.
وقال انه ليس لديه أي شك في أن الاقتصاد المصري سيعود في فترة قصيرة الي سابق عهده, والدليل هو ما حدث في البورصة وتحقيقها ارتفاعات ملموسة في فترة وجيزة,وهذا لا يقلقني لكن ما يثير القلق وتحدثت فيه مع جميع المسئولين الذين التقيت بهم أنه يوجد الآن لدي المستثمر السعودي خوف مما يحدث لبعض المستثمرين في مصر,وأكد أن مواقف المستثمرين السعوديين في مصر تتوافق مع الأنظمة والعقود التي أبرمت معهم, وكانت تهدف في الأساس الي دعم الاقتصاد المصري ومن منطلق حب مصر والرغبة في خدمتها لذا فانه لابد من توفير الأمن والطمأنينة للمستثمرين حتي يأتوا الي مصر.
وردا على سؤال حول موضوع توشكي وماقيل بشأن شراء الأمير الوليد بن طلال الأراضي هناك بأسعار تقل عن قيمتها الحقيقية قال قطان ان الوليد قام بأعمال كثيرة في حب مصر ولديه ملف استثمارات هائلة في مجالات عديدة,وبخصوص موضوع توشكي فان الجهات المعنية بالتحقيق في هذا الأمرعليها أن توضح الحقيقة كاملة للشعب المصري. وما أعلمه أنه أنفق650 مليون جنيه لاستصلاح الأرض ولم يحقق أرباحا, ويجب على وسائل الاعلام أن تعالج الموضوع بهدوء وروية, واذا كان هناك حق للحكومة المصرية والشعب المصري فلابد من اعادته مهما كلف الأمر.
واعتقد انه من الواجب ان تتاح له الفرصة للرد علي كل ما اثير في الصحف المصرية ضده.والسؤال الذي يجب أن يطرح الآن لماذا يرفض جميع المستثمرين المصريين شراء أراض في توشكي واستصلاحها؟
وحول دعم الاقتصاد المصري خلال المرحلة الحالية صرح السفير السعودي بأن هناك جانبين في هذا الموضوع,الأول يتعلق بالدعم الثنائي بين مصر والسعودية,وهناك أمور سوف يتم الاعلان عنها قريباوتصب في دعم مصر,أما الجانب الثاني فهو تشجيع رجال الأعمال السعوديين على الاستثمار في مصر وكان ذلك هو محور الحديث يوم أمس الأول مع وزير السياحة منير فخري عبد النور, حيث طلبت منه أن يتم عرض مجالات الاستثمار في كل مناطق السياحة في مصرلتشجيع المستثمر السعودي والخليجي على الاقبال عليها,وقال انني اتفقت معه علي ضرورة أن يرأس الوزير وفدا يزور السعودية قريبا لمقابلة المسئولين في الغرف التجارية بالرياض وجدة لعرض مجالات الاستثمار عليهم ومعرفة العوائق الموجودة حاليا,وانه سوف يرتب زيارة مماثلة لمصر في القريب العاجل.
وحول فكرة انشاء صندوق عربي لدعم مصر بعد الثورة, قال السفير إنني لا أريد التحدث في هذا الموضوع و ليس المهم هو إقامة صندوق, بل كيفية تحفيز أكبر عدد من الدول المحبة لمصر لتقوم بتقديم الدعم. و أضاف أنه تم طرح أفكار محددة علي الجانب المصري و ننتظر حاليا الرد عليها.
و ردا علي سؤال حول ما أثير بشأن مشاركة رءوس أموال خليجية في إقامة مشروعات تنموية في اثيوبيا ومن بينها انشاء سدود علي النيل في أثيوبيا بعد توقف الدعم الدولي و الأوروبي لإقامة هذه السدود, قال قطان: إنني لا أعلم أن هناك مساهمة سعودية في إنشاء سدود في أثيوبيا أو بالتحديد في إقامة السد الضخم الذي تم الحديث عنه لكن هناك تعاونا بين السعودية و إثيوبيا في المجال الزراعي لإنتاج محاصيل تحتاجها المملكة. مؤكدا ان بلاده لا يمكن ان تقدم علي عمل يضر بمصرومثل هذه الأمور يتم التنسيق المسبق فيها.
و حول تدخل القوات السعودية في البحرين, قال قطان إن أمن البحرين يعد بالنسبة لبلاده خطا أحمر. و أضاف أن الأيام المقبلة ستظهر أن إيران كانت تسعي إلي زعزعة نظام الحكم في البحرين وأن أشخاصا مدربين أغلبهم من لبنان عبروا إلي البحرين لهذا الغرض, فالمسألة لم تكن مجرد خلاف بين السنة و الشيعة هناك. و لم تقم السعودية بإرسال قواتها إلي هناك إلا بعد أن تأكدنا يقينا أن هناك خطة إيرانية لزعزعة نظام الحكم في البحرين. و لم يكن ممكنا أن نسكت حتي يتم احتلالها,مثلما احتلت جزرا اماراتية في السابق وترفض كل حوار حولها أو اللجوء الي التحكيم الدولي.
وأوضح قائلا إننا نعرف النوايا السيئة لإيران تجاه السعودية, وسياساتها العدوانية تجاهنا, و هم يواصلون التدخل في شئوننا الداخلية و فرض أمر واقع علي الأرض, ولا يرغبون لهذه المنطقة أن تعيش في استقرار و أمن, و لديهم أياد و تدخلات ليس في دول الخليج وحدها, بل في مصر و لبنان و غيرهما و أكد قائلا أنه تم إبلاغ رسالة قوية للإيرانيين بأن السعودية لن تسكت أو تتراجع عن موقفها وأن أمنها و أمن الخليج خط أحمر لا مساس به و هذا موقف واضح و صارم لخادم الحرمين الشريفين.
وفيما يتعلق بتطور العلاقات المصرية الايرانية علي ضوء تصريحات وزير الخارجية نبيل العربي الأخيرة بأن إيران ليست عدوا لمصر وأنه يمكن إعادة العلاقات المصرية الإيرانية, قال السفير السعودي: أعتقد أن هناك اختلافا كبيرا في التوجه السياسي بين مصر وايران ولكن اذا كانت طهران صادقة في نواياها وانا أشك في ذلك فانه يجب عليها أن تثبت ذلك وتلتزم بحسن الجوار و عدم التدخل في شئون الغير أو إثارة الفتن, ولا شك أن مسألة عودة علاقاتها مع مصر يرجع أولا إلي مصر ذاتها. وثانيا,فإننا نقول إن مصر لن تقبل عودة علاقاتها مع ايران علي حساب علاقاتها بدول الخليج العربية وان مصر لا تقبل بأي شكل من الأشكال سياسة ايران تجاه دول الخليج,وقد تستطيع القاهرة إقناع طهران بالتخلي عن سياستها الهوجاء التي لن تؤدي إلي نتيجة, كما أنه يجب علي الإيرانيين أن يثبتوا حسن نيتهم مع جميع الدول العربية,وقال إنه يجب علي إيران ألا تعيش في وهم الامبراطورية الفارسية وألا يختبروا قوتنا فنحن قادرون علي التصدي بحزم وقوة لكل من تسول له نفسه العبث بأمن واستقرار السعودية.
واختتم السفير قطان حديثه قائلا انني حققت حلم حياتي بأن أكون سفيرا في مصر لأرد بعض الجميل للبلد الذي تربيت فيه ودرست وتخرجت في احدي جامعاته وأتمني من الله أن يوفقني في خدمة مصر التي في خاطري.