في وقفة عز وشهامة لا مثيل لها في تاريخ سورية المعاصر، خرج السوريون بالملايين ليقفوا صفاً واحداً في الدفاع عن وطنهم الذي يتعرض لأعنف هجوم إعلامي وإرهابي منذ عقود.
فالسوريون الذين سرعان ما كشفوا ما يحاك لهم من مخططات تحولوا جميعهم إلى حماة للديار، إلى جنود في الجيش العربي السوري، ولم تختلف مهامهم عن الجنود العسكريين في الدفاع عن أرض الوطن والكل من موقعه.
فهناك رجال في سورية لم تدخل منازلها منذ أسابيع وهي في مكاتبها ومواقع عملها وفي الشارع في بعض الحالات دفاعاً عن المؤسسات وعن الأمن في كل البلاد، أما النساء فمنهن من بدأ مهام الدفاع على الانترنت ومنهن من بدأ بتنظيم حلقات للقاء والحوار وتوعية المجتمع لخطورة ما يجري وضرورة عدم الانجرار نحو الأهداف التي يحددها الآخر لنا، وأخريات قمن بتنظيم ندوات عن الحريات وماذا تعني كلمة «حرية».
شباب سورية، وهم الأكثرية، يتناوبون في الشارع ليلاً ونهاراً في لجان شعبية لحماية الأحياء وملاحقة كل غريب يحاول اقتحام حي أو شارع، وأثبتت هذه اللجان لحمة وطنية استثنائية تؤكد أن سورية يستحيل اختراقها مهما بلغ حجم التهديدات من الداخل أو من الخارج.
وأمام الوضع الأمني الذي تعيشه البلاد، أرسل عدد من الشبان السوريين طلبات من خلال «الوطن» يناشدون فيها رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة بدعوة الاحتياط العسكري ليشاركوا إلى جانب الجيش السوري في ملاحقة وإلقاء القبض على كل من تجرأ وأشهر سلاحاً في وجه مواطن أو جندي.
وقال الشباب في رسائلهم: كلنا جنود سورية وكلنا على استعداد تام للالتحاق بوحدات الجيش لضرب بيد من حديد كل من تجرأ على سورية.
في شوارع سورية ومدنها وقراها، بات العلم السوري يزين شرفات المنازل والمؤسسات، وعلى أنغام النشيد الوطني يستمر العمل وتستمر الدراسة على الرغم من كل الأوضاع الأمنية الدقيقة، إلا أن السوريين لم ينسوا ضرورة ممارسة حياتهم الطبيعية وذلك في رد مباشر على كل من أراد إرهاب بلدهم.
وبما أن الشعب السوري أثبت أنه لا يمكن لأحد استفزازه، تحولت ما تبثه القنوات الفضائية من أخبار كاذبة إلى مادة للضحك والمزاح، فالقنوات التي كانت تعرّف نفسها على أنها قمة الحرفية والمهنية والمصداقية، تحولت بفضل سورية والسوريين إلى قنوات مضحكة، لا علاقة لها بأي مصداقية، عدا مصداقية الولاء لمن يحرضها ويسدد رواتب موظفيها.
وبما أنه من «المعيب» لمثل هذه القنوات أن تتراجع، فهي مستمرة في كذبها وتضليلها وتشويه حقيقة ما يجري في سورية لكن هذا الكذب بات يشكل مادة مسلية لكل السوريين الذين يتسابقون على تفنيد الأكاذيب والضحك عليها.
في الأمس خرج إلينا الصحفي المطرود من سورية خالد عويس من وكالة «رويترز» ليحدثنا من العاصمة الأردنية عما يجري في بانياس، مؤكداً أن لا وجود لمجموعات مسلحة في بانياس بل «شبيحة» نزلوا من الجبل ليحتلوا بانياس ما اضطر الجيش إلى الانتشار وإخراجهم من المدينة الآمنة!! وطبعاً لم يتطرق عويس إلى استشهاد عدد من أفراد الجيش في كمين ولا إلى الصور المؤلمة التي بثها التلفزيون السوري وقناة الدنيا للجرحى وشهاداتهم، كما لم يتطرق إلى النداءات نحو «الجهاد» التي أطلقت في بانياس أول من أمس!! وللمعلومة نذكر بأن المدعو عويس اعترف ببث أخبار كاذبة حين كان في سورية.
واستمر الكذب أمس على الفضائيات بخصوص «التظاهرة» التي حصلت في كلية العلوم والتي لم يتجاوز عدد المشاركين فيها الخمسين طالباً، لا بل أضافت قناة «بي.بي.سي» أن هناك قتيلاً من بينهم لكن، للمصداقية، أضافت: إنها غير متأكدة من وجود القتيل كما أنها لم تكن متأكدة من نزول الآلاف من كليات المزة للتظاهر وهو الخبر الذي بثته طوال مساء أمس.