تصحو من دوي ذلك الصداع الذي تمخضه بكاؤك طيلة الليل، داعيا ان تنقشع عنك تلك الكآبة الهائمة على ملامح وجهك والتي حولت دفنتها بالوسادة لتخفي بها احلك اللحظات... ولكنها أمنية عجزت ان تتحقق، لتتركك دون أي رتوش لتغطية حزنك وألمك ....اليوم يلي الثاني... والالم و القهر يتراكم وهو متشبث بك كطفل تائه يتابط بأول شخص يراه عند الضياع.
ولكن "ملك" وملائكية الامال فيها عادت لتطرق الباب بذات السؤال....بعد عدة محاولات لم تجد فيها جوابا ... غير ان هذه المرة مختلفة....فقد قرر ابو محمد ان يفتح باب ذاته لها لاعنا فساد الامكنة وثباتها مغيرا عاهاتها حتى وان اضطر لصعود الحبال الغليظة 100 مرة.
فابهى حلة للشجاعة في ان تعلن حزنك وتكف عن مداراته, وان تصنع السعادة وأنت في قمة الحزن واللوعة....
محمد "زلمة البيت الصغير" قد مات , و الموت ليس الا وعدا صادقا بعدم العودة... "ملك" اخته الصغيرة... غدت وحيدة .. فقد رحل محمد برأس مزدحم وشغوف برأس وروح لا يحتملها ضيق المكان ولا ضيق العيش المخنوق ....
لوعة فقدانه , قد دفعت ابو محمد الى ان يتأوه من داخله لألم غيره ويحاول قدر الإمكان من مكانه الضيق رمى حجرة لتحريك المياه العفنة...
وقد يقول البعض متعرين من الحقيقة ان القصة قد اصبحت "بايتة " و ان الله فعل ما أراد .... لا اعتراض على حكم الله ولكن اين الاخذ بالاسباب؟؟؟
المهندس أحمد والد الطفل المرحوم قد عقد العزم, و تقدم بشكوى رسمية امام القضاء ليس طمعا بالتعويضات بل حفاظا على الاطفال والشباب الابرياء الاخرين, عل رائحة الموت و الاهمال لا تطغى على رائحة الكلور في مدينة الحسن للشباب ...لافتا النظر الى ان الاهمال والتقصير الذي اودى بحياة ولده لا يحمله للمدرب فقط والذي ما زال في السجن بل ان جميع المسؤولين في مدينة الحسن الرياضية حتى اعلى الهرم الذي يحتله المجلس الاعلى للشباب هم شركاء بالمسؤولية لعدم اهتمامهم بمتابعة كافة امور السلامة العامة لحماية الاطفال المشاركين بالدورات التدريبية.
وزاد" ان الحكومة لم تقصر في تشكيل لجان تحقيق في عدة حالات,,منها الطفلة سيلين و حادثة مستشفى الزرقاء رحمهم الله اجمعين, وقد تمت ادانة بعض المسؤولين الذين ثبت تقصيرهم الا انه لغاية الان لم يتم تشكيل لجنة تحقيق رسمية محايدة في حادثة طفلي".
علني أجد تفسيرا غير مهين في المعاجم ..اولربما اذهب الى ان الزهايمر قد تغلغل في المسؤولين,و لن يخرجوا من قمقم ذلك المارد المغضوب عليه "الفساد" ...
وفي تذكير لمن نوجه لهم كل احترام و تقدير, يقول المهندس احمد القواسمة لزاد الاردن "كان المرحوم محمد متشوقا لتعلم السباحة في مسبح مدينة الحسن الرياضية حيث قمت بتسجيله بعد ان اكدت لي ادارة المدينة انه تم تخصيص مدرب كفؤ لكل اربعة متدربين وان كافة وسائل السلامة العامة تستخدم في عمليات التدريب .
واضاف في يوم 4 ـ 7 ذهب ولدي الى المسبح وكان مسرورا جدا بان حلمه سيتحقق ويصبح سباحا ماهرا ولم يكن يعلم بان ذلك اليوم سيكون اخر يوم من حياته ، مضيفا بانه في حوالي الساعة الثانية عشرة ظهرا تم الاتصال بي من قبل المركز الامني حيث اعلموني ان ولدي اصيب بحالة تشنج وموجود في مستشفى الاميرة بسمة التعليمي لتلقي العلاج ، حيث ذهبت الى المستشفى وتفاجأت بان ولدي قد فارق الحياة نتيجة غرقه في مسبح مدينة الحسن الرياضية وتم تحويل الجثة الى مركز الطب الشرعي لتشريحها.
واشار القواسمة الى انه علم انه كان بالمسبح 45 طفلا تتراوح اعمارهم بين 7 و 13 عاما ولا يوجد سوى مدرب واحد واثنين من الهواة وان اول درس اخذه الاطفال في السباحة هو القفز عن رفاس بارتفاع اربعة امتار الى البركة والتي عمقها خمسة امتار ونصف وهذا مخالف لكل قواعد تعليم السباحة في العالم حسب رأي متخصصين اضافة الى عدم وجود مركز صحي او طبيب اسعاف لمعالجة الحالات الطارئة والمصابين بالغرق وغيرها وعدم وجود ادوات السلامة العامة المستعملة بالسباحة من طواشات وزعانف, هذا بالاضافة الى عدم وجود قائمة بارقام هواتف ولاة الامر, فهم لم يتصلوا بي على الرغم من انني اعطيتهم رقم الهاتف الخليوي ".
برغم أننا لا نستطيع أبدًا التكهن بنهاية ما نمر به الا اننا نستطيع أن نتكهن بالنهاية لحكايات الآخرين, وهذا بيت القصيد....
فاين عقول مسؤولينا ومشاعرهم وأحساسيهم, هل تبعثرت؟؟ أم ان ليس لها صلاحية في زمننا هذا ..!!
آآآه وألف آآآه على زمن التطور و الانترنت .... زمن المال و التصريحات في بلد الامان والسعادة .... الزمن المهيئ لكل شي الا الشي المفقود ..!
فابحثوا عنه ايها المسؤولون!!! علّ روح محمد و سيلين و دانة و غيرهم لا تلقي علينا لعنة الشقاء الابدية ...
وعلنا لا نجد "ملك" اخرى تتساءل اين أخي ؟؟؟