خامسا: تجديد الثقة في مؤسسات الدولة
آلا ترى أن الشعار المرفوع في مصر طوال العام الماضي الشعب يشكك في الشعب
إذن من يبقى في الشعب من أصحاب الثقة؟
من يبقى في الشعب من أهل العدالة
الشعب يريد إسقاط الشعب
الشعب يشكك في الشعب
قُطعت جسور الثقة بين الشعب وبين المؤسسات فضاع الأمن حينما كسرت الشرطة
وكلنا ننادي الآن بأعلى الصوت نريد أن نستشعر من جديد معنى الأمن
صار كل مصري يخاف على نفسه ويخاف على أطفاله وأولاده ونساءه حين انكسرت الشرطة وفقد كثير من الناس طعم الأمن
وهاأنتم تسمعون وتتابعون كل يوم تقريباً عن حالات انفلات أمني لا نقلل من خطرها أبداً
نريد أن نمد جسور الثقة من جديد إلى المؤسسة الأمنية لتنزل الشرطة إلى الشوارع لتمارس عملها بأسلوب جديد لتمنح الشرطة
الشعب الاحترام ولتتعامل مع أفراد الشعب المصري الصابر معاملة تليق بكرامته وإنسانيته وعلى الشعب أن يمد أيضاً من جديد جسور
الثقة لترجع الشرطة بثقة لتمارس عملها ليستشعر أهل بلدنا الأمن والأمان
ولا ينبغي أبدا أن نشكك أيضاً في المؤسسة العسكرية في الجيش
لصالح من؟
أقولها لله ووالله لا أتملق مخلوقا على وجه الأرض
خطة خطيرة وخبيثة لتدمير الجيش وكسره لصالح إسرائيل
فأقوى جيوش المنطقة هو الجيش المصري يراد لهذا الجيش أن تتحطم معنوياته وأن يصاب بهزيمة نفسية قاتلة وأن يحدث بداخله انقلابات وتصدعات لصالح من؟
لصالح إسرائيل من ناحية ولهدم مصر من ناحية أخرى
انكسرت الشرطة فقط فضاع الأمن فكيف لو انكسر الجيش كذلك؟
كلمات ناديت بها مراراً ولا زلت وسأظل لله ثم حفاظاً على هذا البلد وحرصاً منا على هذا الوطن
فحبنا لمصر من حبنا لإسلامنا وديننا بل يمليه علينا ديننا ونبينا صلى الله عليه وسلم
ثم ألمح أيضاً تشكيكاً خطيراً جداً في مؤسسة القضاء
نعم القضاء يقوم الآن بدور مهم وعليه مسئولية كبيرة وأمانة خطيرة.
بل وأنا أقولها لله مصر تحتاج الآن إلى قضاء حاسم عادل يقول كلمته لله جل وعلا وليس تحت أي صورة من صور الضغط لا الإعلامي
ولا الشعبي بل يجب على القضاء أن يقول كلمته لله ليقدم الحق لمن سُلب منهم الحق.
نريد من القضاء أن يعيد الحق لأصحاب الدماء لكل من قتل من أولادنا.
نريد من القضاء أن يعيد الأموال التي نهبت من شعبنا المصري الصابر
نريد من القضاء أن يحاسب المفسدين محاسبة عادلة بلا ظلم ولا تشف ولا حقد
القضاء شرف وأمانة لا ينبغي لرجال القضاء أن يهزموا أو أن يُضعفوا
القضاء شرف
إذا كان التوقيع عن الملوك والحكام والرؤساء بالمحل الذي لا يُنكر فضله أو لا يُجهل قدره فكيف بشرف القضاء الذي تولاه بنفسه رب العالمين فقال جل وعلا:{وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ..(20)}غافر.
وقال سبحانه:{وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ(69) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ(70)}الزمر.
أي شرف أشرف من القضاء الذي تولاه الأنبياء والمرسلون وأتباعهم المقسطون.
فليعلم القاضي عن من ينوب في حكمه وفتواه وليوقن انه موقوف غدا بين يدي ربه ومولاه:{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (47)}الأنبياء.
وليتذكر القاضي قول الصادق كما في الصحيحين من حديث علي:[ما منكم من احد إلا وسيكلمه ربه يوم القيامة ليس بينه وبينه ترجمان فينظر العبد أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه فاتقوا النار ولو بشق تمرة].
أيها القاضي
في أي قضية تحكم فيها الآن لكبير أو لصغير
اعلم أنك موقوف بين يد الملك القدير
لا تلتفت لأي أحد بل راقب الواحد الأحد وقدم ما يمليه عليك دينك وما يفرضه عليك ضميرك الحي وراقب الحي الذي لا يموت فلن يقف معك بين يديه أحد وإنما:{فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ(7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ(
}الزلزلة
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول كما في الحديث الصحيح الذي رواه أبو داوود والترمذي وابن ماجة عن ابن بريدة عن أبيه قال بأبي وأمي وروحي:[القضاة ثلاثة واحد في الجنة واثنان في النار رجل عرف الحق وقضى به فهو في الجنة ورجل عرف الحق وقضى بخلافه فهو في النار ورجل قضى بين الناس على جهل فهو في النار].
ما أروع عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين أرسل كتابا إلى قاضيه في اليمن إلى أبي موسى الأشعري
تدبر!!
اسمعوا إلى هذه الكلمات الذي أود لو سمعها كل قاض من قضاتنا الأفاضل في مصرنا أسأل الله أن يوفقنا وإياهم للحق الذي يرضيه جل وعلا.
قال عمر لله دره بعدما حمد الله وأثنى عليه قال أما بعد: (فإن القضاء فريضة محكمة وسنة متبعة فإذا حضر إليك الخصمان فسو بينهم في وجهك ومجلسك وحكمك حتى لا يطمع شريف في حيفك ولا ييأس ضعيف من عدلك والبينة على من أدعى واليمين على من أنكر والصلح جائز بين الناس إلا صلح حرم حلالاً أو أحل حراماً ولا تستحيي أن ترجع عن قضاء قضيت فيه بالأمس فراجعت فيه نفسك فعدت فيه إلى رشدك وصوابك ومن خلصت نيته في الحق زانه الله ومن تزين للناس بغير ما في قلبه شانه الله ثم أبشر بثواب الله وعاجل رزقه وخزائن رحمته في الدنيا والآخرة).
إنه الحق بل إن شئت فقل إنها القوة في الحق
لما تولى الخلافة عمر رضي الله عنه ارتقى المنبر فقال بعدما حمد الله وأثنى عليه
أيها الناس بلغني أن الناس خافوا شدتي وهابوا غلظتي وقالوا لقد كان عمر بن الخطاب يشتد علينا ورسول الله بين أظهرنا ثم اشتد علينا
عمر وأبو بكر والينا دونه كيف وقد صارت الأمور إليه وأصبح خليفة على المسلمين.
آلا فاعلموا أن تلك الشدة قد تضاعفت وإنما تكون على أهل البغي
والظلم والتعدي
فوالله لست أدع أحد يظلم أحد إلا ووضعت خده على الأرض لأضع قدمي على خده الآخر حتى يُذعن للحق وأنا بعد شدتي تلك أضع خدي أنا على الأرض لأهل الكفاف وأهل العفاف
بالله ما أورعه
بالله ما أعظمه
يا خالق عمر سبحانك
مصر لا يصلح لها الآن ولا يُصلحها الآن إلا العدل إلا الحق
نريد حقوق من ظلم
نريد حقوق من قُتل
نريد حقوق الشعب التي نهبت أمواله
نريد محاسبة المفسدين بالعدل والحق
ينبغي أيها الأفاضل أن نجدد الثقة وأن نمنح مؤسسات دولتنا الثقة لتعمل
ووالله ثم والله لا سعادة لكل مؤسسات دولتنا إلا إذا حكمت شرع ربنا وعادت إلى نبينا صلى الله عليه وسلم وهي تردد مع السابقين
الأولين قولتهم الخالدة {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ(285)}البقرة.
وهي تنفذ قول ربنا لنبينا:{وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِم وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ(49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)}المائدة.
وما أروع قول يوسف:{يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39) مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَل اَّتَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ(40)}يوسف.